مرحبًا..
مضى وقت طويل لم أُدوّن فيه فكرة هنا، ليس لأن الأفكار غير موجودة لكن لأنني آمنت أن الكتابة مقصلة الأفكار. فكل فكرة عظيمة في أذهاننا تُذيبها الكتابة ويتضاءل حجمها حينما نُدوّنها، مما يجعلنا نُحقّرها إلى أن تُصبح لا شيء!
بسبب اللاشيء أحيانًا نجدُ أنفسنا مُحاطين بغمامة سوداء، تُظللنا، وتُفسد أيامنا، بلا سبب. فمنذ فترة وأنا أهرب من كُل شيء بأي شيء، عسى أن ينقضي الوقت، وتمرّ الأيام، أو تنتهي الحياة. هذه الغمامة مُثقلة بسؤالٍ لعين، يُحاول التقليل من قيمة الأهداف، وإحباط المحاولات قبل بدئها، ونسف أي جهد يُبذل. هو السؤال الذي ما ننفك عن طرحه في أنصاف الطُرق، وعند منعطفات المسارات، ومع تقلبات الحياة. سؤال: ما الجدوى؟!
محاولة طرحه أصعب من إيجاد الإجابة عليه، لأن محاولة الطرح محفوفة بمخاطر مواجهة اللاجدوى؛ إذ أن هذه المخاطر من الممكن أن تواجهك بما لا ترغب بمواجهته، وتُريك ما تُشيح وجهك عنه دائمًا.
آمنتُ في وقتٍ سابق أن في الكتابة شفاء من علل كثيرة منها صداع الأفكار. كما أنها مُتنفسُ نتخلّص به من بعض ضيق النفس. لكنّي أجدُ نفسي أكفر بهذا اليقين، وأهرب من حدود إيماني ذاك لأجدُ نفسي أبحث عن أدوات تشافي أخرى.
أظنّ أنني مارستُ كُل ما يُمكنني فعله للهرب، مستخدمة بوصلتي “لكل نبأ مُستقرّ” و”لكل أجل كتاب”، لكن وجدت أن نهاية الأشياء تأخذ منّي أكثر من كونها تمنحني. لم اعتد أن أضع أهدافًا على المستوى الشخصي، والسبب في ذلك يقيني أن الأهداف ستجعلني في سباق لأصل، وكنت كثيرًا ما أتجاهل رغبتي بأن أناقش ما أريد مع نفسي، أملًا بأن ما أريده سيحصل لا محالة. ورغم كُل ذلك، وفي كل مرة أنتظر ما أريده أن يحصل لأني أؤمن أنه لا شيء صعب طالما نحن أحياء، وأن من يُريد يستطيع متى رَغِب. لكن ثمّة محطات نحتاج أن نقف فيها لنلتقط أنفاسنا، ونستعيدُ توازننا بعيدًا عن منغصات الركض. محطات نلجأ إليها هربًا من زحمة مُطاردة الآجال، وتشحننا بطاقة تمنحنا الصبر في انتظار المستقر. ليكون هرب في سبيل الراحة.